أخبار

علاج للسكر يبطئ تقدم داء باركنسون

نشرت بتاريخ 20 مايو 2024

العلاج الذي ينتمي إلى نفس عائلة أدوية إنقاص الوزن الناجعة، مثل «ويجوفي»، يؤخر تطور الأعراض بمقدار ضئيل، لكنه ذو دلالة إحصائية.

ديفيد آدم

دماغ مصاب بداء باركنسون (ملون باستخدام الحاسب الآلي).
دماغ مصاب بداء باركنسون (ملون باستخدام الحاسب الآلي).
BSIP SA / Alamy Stock Photo

يستطيع عقّار للسكر، هو عقّار «ليكسيسيناتيد» lixisenatide، الذي ينتمي إلى الجيل الأخير من أدوية السمنة، أن يبطئ من تطور أعراض داء باركنسون، بحسب النتائج التي توصلتْ إليها تجربة إكلينيكية. لم يشهد المشاركون في التجربة، الذين تناولوا العقّار لمدة 12 شهرًا، تدهورًا في الأعراض، الأمر الذي يُعدّ مكسبًا كبيرًا في حالة مَرضية تتميز بالفقدان المطرد للتحكم الحركي.

ولا بد أن يواصل الباحثون تجاربهم بغية تقليل الآثار الجانبية للعقّار، والوقوف على الجرعة المثلى منه، ومن جهة، يرى الباحثون أن التجربة توثّق خطوةً واعدة أخرى في مضمار الجهود التي دامت عقودًا، والتي تستهدف هذا الاضطراب الشائع الذي يصيب الإنسان بالوهن.

يقول أوليفيير راسكول، الباحث المتخصص في مرض باركنسون بمستشفى جامعة تولوز في فرنسا، والذي قاد الدارسة: "تُعدّ هذه أولَ تجربة إكلينيكية واسعة النطاق ومتعددة المراكز تقدم بوادر على الفعّالية التي لطالما التمسناها سنوات كثيرة".

الصلة بمرض السكر

«ليكسيسيناتيد» هو أحد نواهض مستقبل الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (GLP-1)، بذا يكون جزءًا من عائلة كبيرة مكونة من مركبات متشابهة مستخدمة لعلاج السكر، ومؤخرًا لعلاج السمنة. (عقار إنقاص الوزن «سيماجلوتيد» semaglutide، الذي يُباع بالاسم التجاري «ويجوفي» Wegovy هو أحد مركبات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1.)

والعلاقة بين السكر وداء باركنسون2 وثقتها الكثير من الدراسات. فمصابو السكر أمْيَل بنسبة 40% إلى الإصابة بداء باركنسون. كذلك المصابون الذين يجمعون ما بين السكر وباركنسون عادةً ما يشهدون تدهورًا أسرع في الأعراض، قياسًا إلى مصابي باركنسون فقط.

وقد أشارت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات3 إلى أن بعض عقاقير الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1، التي تؤثر على مستويات الإنسولين والجلوكوز، يمكنها أن تُبطئ زحف أعراض باركنسون. ثم كانت هناك تجارب أُجريتْ على نطاق أصغر، ونُشرتْ في عامَي 20134 و20175، أشارتْ نتائجها إلى أن جزيء «الإكسيناتيد» exenatide الذي ينتمي إلى عقاقير الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1، والمستخدم في علاج السكر، له نفس المفعول في البشر.

وقف تقدم المرض

في آخر تجربة أُجريت على نطاق واسع، فحص مجموعة من الباحثين الفرنسيين تأثيرَ عقار «ليكسيسيناتيد» في 156 شخصًا يعانون داء باركنسون، تتدرّج حالاتهم ما بين إصابات خفيفة إلى متوسطة، وكان جميعهم يتلقون بالفعل العلاج القياسي لمرض باركنسون «ليفودوبا» levodopa أو غيره. أُعطي نصف المشاركين في التجربة «ليكسيسيناتيد» لمدة عام، والنصف الآخر أعطي عقّارًا وهميًّا.

وبعد انقضاء 12 شهرًا، شهدت المجموعة الضابطة تدهورًا في الأعراض. وتحديدًا، ارتفع تقييمهم بمقدار 3 درجات على مقياسٍ مستخدم لتقييم حدة مرض باركنسون، يقيس جودةَ أداء الأشخاص لمهام مثل التحدث وتناول الطعام والمشي.

وأما أولئك الذين أُعطوا «ليكسيسيناتيد» فلم يشهد تقييمهم على هذا المقياس أي تغير، ولكن العلاج ترك آثارًا جانبية؛ فقد عانى زهاء نصفهم من الغثيان، و13% منهم من القيء. ونُشرت نتائج الدراسة في دورية «ذا نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسن» The New England Journal of Medicine.

العقّار ليس سحريًّا

يقول ديفيد ستاندرت، عالِم الأعصاب بجامعة ألاباما في ولاية برمينجهام، الذي لم يشارك في التجربة: من الضروري الوقوف على ما إذا كان تأثير العقّار سوف يدوم بعد انقضاء عام.

ويضيف "كلنا نتوخى الحذر. فلدينا باع طويل مع تجربة علاجات مختلفة لمرض باركنسون، ولم تفلح في نهاية المطاف". ويشير أيضًا إلى أن الفارق الذي قيمته 3 درجات في التقييم هو تغيير طفيف، لا يكاد كثيرون من مصابي داء باركنسون يلحظونه. "فماذا يحدث في ظرف 5 سنوات؟ هل سيصل التدهور إلى 15 درجة حينها، أم سيتوقف عند 3 درجات؟ إذا كان التدهور سيتوقف عند 3 درجات، فلا يستحق الأمر كل هذا العناء إذن".

سُحب «ليكسيسيناتيد» كعلاج للسكر من سوق الولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي من قبل مصنِّعه الكائن في باريس، شركة «سانوفي» Sanofi، لأسباب تجارية. لكن هذا ليس من شأنه أن يؤثر على تطوير علاج محتمل لمرض باركنسون؛ فالعقاقير الأخرى التي تنتمي إلى عائلة الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 متوفرة، بحسب ستاندرت.

فيقول: "أرى أن هذه الدراسة تنطبق على فئة العقاقير ككل. لا أدري ما إذا كان هذا العقّار بعينه هو الذي يحمل مفتاح الحل". ويستطرد قائلًا: يمكن لعقاقير الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 الأجدد من «ليكسيسيناتيد» (الذي طُور في العقد الأول من مطلع الألفية الثالثة) أن يكون لها آثار جانبية أقل من حيث العدد والحدة، كما يمكن أن يكون لها المفعول نفسه بجرعات أقل.

وثمة مسألة أخرى تستحق أن تؤخذ بمزيد من الاهتمام، ألا وهي احتمال أن تقي بعض عقاقير الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 من الإصابة بداء باركنسون. فهذه العقاقير تُعرف بقدرتها على تقليل الالتهاب، مما حدا

ببعض الباحثين نحو الإشارة إلى أنها تَحول دون الفقدان المطرد للخلايا العصبية المنتِجة للدوبامين؛ الأمر الذي يتسبب في الإصابة بداء باركنسون. وهذا من شأنه أن يمنحها مزية كبيرة على العلاجات الموجودة مثل «ليفودوبا»، التي تتعامل مع الأعراض لكن لا تتصدى لجذور المرض. على أن هذه التجربة وغيرها لم تقيِّم فقدان الخلايا العصبية.

ويترقب الباحثون الآن ظهور نتائج تجربة إكلينيكية كبيرة تبحث في تأثير تناول مصابي باركنسون لعقّار «الإكسيناتيد» لمدة عامَين. وسوف تتاح بيانات هذه التجربة للباحثين في النصف الثاني من هذا العام، حسبما ذكر توم فولتيني، عالِم الأعصاب بكلية لندن الجامعية، في تصريحات أدلى بها للمركز الإعلامي للعلوم بالمملكة المتحدة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.156


References

  1. Meissner, W. G. et al. N. Engl. J. Med. 390, 1176-85 (2024).

  2. Cullinane, P. W. et al. Mov. Disord. 38, 162–177 (2023).

  3. Dahiya, S., Tisch, S. & Greenfield, J. Clin. Park. Relat. Disord. 6, 100133 (2022).

  4. Aviles-Olmos, I. et al. J. Clin. Invest. 123, 2730–2736 (2013).

  5. Athauda, D. et al. Lancet 390, 1664–1675 (2017).