أخبار

ألواح خشبية من تفل قصب السكر

نشرت بتاريخ 8 يونيو 2024

الطريقة الجديدة تقلل من إزالة الغابات وتحافظ على التنوع البيولوجي!

محمد السيد علي

يسهم استخدام تفل قصب السكر في تقليل إزالة
الغابات والطلب على الخشب البكر

يسهم استخدام تفل قصب السكر في تقليل إزالة الغابات والطلب على الخشب البكر


Creative Commons  Enlarge image

تعتبر مصر الأكثر إنتاجًا لقصب السكر في العالم العربي؛ إذ تُنتج محافظات الصعيد أكثر من 16 مليون طن سنويًّا.

ورغم أهمية قصب السكر كمحصول رئيسي، إلا أن عملية سحقه لاستخلاص السكر تُنتج بقايا يمكن إعادة تدويرها، مثل تفل قصب السكر (SCB)، وهو مادة ليفية خفيفة الوزن وقابلة للتحلل الحيوي.

ووجد باحثون من مركز بحوث نظم الهندسة الذكية بجامعة النيل الأهلية في مصر طريقةً لتحويل تفل قصب السكر إلى ألواح خشبية عالية الأداء، كبديل لخشب الأشجار.

وأوضح الباحثون أن هذه الألواح تُوفر بديلًا مستدامًا للمواد الخشبية التقليدية، وتُسهم في إيجاد حلول مستدامة لمشكلة النفايات في مصر، وفق دراسة نشرتها دورية "جورنال أوف إنجينيرينج ريسيرش" (Journal of Engineering Research).

مزايا متعددة

تقول إيرين سامي فهيم، أستاذ مساعد بقسم الهندسة الصناعية بجامعة النيل الأهلية، ومدير مركز النظم الهندسية الذكية للأبحاث بكلية الهندسة والعلوم التطبيقية، والباحثة المشاركة بالدراسة: "إن تفل قصب السكر يمكن استخدامه كمورد متجدد، مما يقلل النفايات،  كما أنه يخفض الاعتماد على خشب الأشجار".

تضيف "فهيم" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تفل قصب السكر غالبًا ما يكون أرخص من الخشب، مما يجعله بديلًا فعالًا من حيث التكلفة، كما أن نموه السريع يضمن استدامة الإنتاج.

ألواح حبيبية

تعتبر الألواح الحبيبية -سواء أكانت ألواح ليفية متوسطة الكثافة (MDF) أو عالية الكثافة (HDF)- موادَّ شائعة الاستخدام في صناعة الأثاث والبناء؛ إذ تتكون من ألياف الخشب الممزوجة بالراتنجات والمواد اللاصقة، ثم يتم ضغطها وتشكيلها في ألواح.

وفي عام 2018، ارتفع الطلب العالمي على ألواح الخشب الليفية متوسطة الكثافة ليبلغ أكثر من 10 مليارات دولار، بينما بلغت قيمة واردات مصر منها 132.948 مليون دولار، وفق الدراسة.

واقترحت الدراسة استخدام نفايات تفل قصب السكر كبديل مستدام، إذ يُنتج العالم منها 54 مليون طن سنويًّا، في حين تُنتج مصر حوالي 4.7 ملايين طن.

ووفق دراسة سابقة، تدخل نفايات قصب السكر في صناعة الورق والكرتون، لكن 85% من تفل قصب السكر يُحرق كوقود رغم عدم فاعليته بسبب انخفاض قيمته الحرارية، وهذا يبرز الحاجة إلى تطبيقات جديدة لتقليل النفايات وتخفيض مستويات التلوث.

وتبلغ تكلفة طن تفل قصب السكر 85.47 جنيه مصري (حوالي دولار ونصف)، مقارنة بـ7500 جنيه مصري (150 دولارًا) لطن نشارة الخشب التي تُستخدم في تصنيع الألواح الخشبية.

تُوفر هذه
الألواح بديلًا مستدامًا للمواد الخشبية التقليدية

تُوفر هذه الألواح بديلًا مستدامًا للمواد الخشبية التقليدية


Irene Samy Fahim

Enlarge image

وأنشأ الباحثون ألواحًا حبيبية باستخدام تفل قصب السكر وراتنجات الإيبوكسي، وهي مواد كيميائية لاصقة تستخدم لربط ألياف الخشب معًا، مما يمنح الألواح قوتها ومتانتها، بالإضافة إلى تحسين خصائصها وتسهيل عملية تصنيعها.

ومن خلال الاختبارات الميكانيكية الدقيقة وتقييمات امتصاص الماء، كشفت الدراسة أن محتوى الإيبوكسي الأمثل بنسبة 25% أدى إلى أعلى قوة شد تبلغ 18.49 ميجا باسكال، وتم تعزيز مقاومة المركب للماء بشكل كبير، لتصل إلى 120 ساعة من المتانة، وأظهرت هذه الألواح قوة شد مماثلة للألواح الليفية متوسطة الكثافة والألواح الليفية عالية الكثافة.

 استخدامات متنوعة

"الألواح القائمة على تفل قصب السكر وراتنجات الإيبوكسي لها استخدامات متنوعة، منها صناعة الأثاث والخزائن والتصميم الداخلي"، وفق نهلة سلاطين، الباحثة المشاركة بالدراسة.

تضيف "سلاطين" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تتميز هذه الألواح بمتانتها وسهولة تشكيلها وتشطيبها، ما يجعلها جذابةً من الناحية الجمالية.

وتحدثت رنا عادل -الباحثة المشاركة بالدراسة- عن الأثر البيئي لهذه العملية قائلةً: يسهم استخدام تفل قصب السكر في تقليل إزالة الغابات والطلب على الخشب البكر، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقليل مساحة مدافن النفايات والتلوث.

من جهته، يرى أحمد حسنين -أستاذ علوم اللدائن والألياف بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية- أن "استغلال تفل قصب السكر لإنتاج ألواح حبيبية بدلًا من الأخشاب التقليدية فكرة مفيدة للغاية في مصر، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على استيراد هذه الأخشاب من الخارج".

ويضيف: يجب أن تتوافق هذه الفكرة مع هدفها الأساسي، وهو تعظيم فوائد المخلفات المهملة وتوفير بديل أقل تكلفة من ألواح الخشب التقليدية، ومع ذلك، فإن استخدام الإيبوكسي كمادة رابطة قد يعرقل هذا الهدف بسبب ارتفاع سعره، مما قد يزيد من تكلفة المنتج النهائي.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.175