أخبار

منشأ الصرصور: كيف غزت الحشرة الكريهة العالم

نشرت بتاريخ 19 يونيو 2024

تحليل جينومي يشير إلى أن آفة المطبخ الشائعة قد انتقلت من أوربا إلى العالم، ولكنها ليست أوروبية الأصل.

بيانكا نوجرادي

الصرصور الآسيوي Blattella asahinai هو أقرب الصراصير الباقية إلى الصرصور الألماني.
الصرصور الآسيوي Blattella asahinai هو أقرب الصراصير الباقية إلى الصرصور الألماني.

هو آفة منزلية منتشرة انتشارًا واسعًا، إلا أن أصوله لم تكن متوقعة؛ فالصرصور الذي يشارك البشر سُكناهم في جميع أنحاء العالم يُعرف بالصرصور الألماني، لكنه ليس ألماني الأصل كما يظن البعض. فقد أشارت دراسة نُشرت في العشرين من مايو1 في دورية «بروسيدينجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس» Proceedings of the National Academy of Sciences إلى أن هذا الكائن نشأ في جنوب آسيا، ومنها انتشر إلى سائر أنحاء العالم بسبب ولعه بالبيئة التي يعيش فيها الإنسان وانجذابه إليها.

وكان عالِم البيولوجيا السويدي، كارل لينيوس، هو أول من وصف الصرصور في عام 1776 في أوروبا وأطلق عليه الصرصور الألماني Blattella germanica، ومن هنا جاء الافتراض بأصوله الألمانية. يقول تشيان تانج، عالِم البيولوجيا التطورية الذي يعمل الآن بجامعة هارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوستس، والذي شارك في تأليف الدارسة: "لم تكن ألمانيا مَنشأه، لكنه استُؤنِسَ هناك، ثم أخذ في الانتشار حول العالم".

وكان تانج وزملاؤه قد عمدوا إلى تحليل جينومات 281 صرصورًا ألمانيًّا، جُمعتْ من 17 دولةً مختلفة، منها أستراليا، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة الأمريكية. واستعانوا بأوجه التشابه والاختلاف بين الجينومات لتقدير زمان استيطان المجموعات المختلفة ومكانها.

وهكذا وجدوا أن الصرصور الآسيوي Blattella asahinai، الذي لا يزال مستوطنًا جنوب آسيا، هو على الأرجح أقرب الصراصير الباقية إلى الصرصور الألماني، الذي يُعتقد أنه تشعب منه قبل قرابة 2100 عام.

وحدث أنه قبل حوالي 1200 سنة، زحف الصرصور الألماني غربًا صوب الشرق الأوسط مع انتعاش النشاطين التجاري والعسكري، إبان الخلافتَين الإسلاميتَين الأموية والعباسية. ثم طفق في الانتشار شرقًا من جنوب آسيا قبل نحو 390 سنة، مع ظهور الحركة الاستعمارية الأوروبية وانبثاق شركات التجارة العالمية، مثل شركتَي الهند الشرقية، البريطانية منها والهولندية. وما لبث الصرصور الألماني بعدها بنحو قرن من الزمان أن انتقل مع رحلة كانت متجهة إلى أوروبا، ومنها انتشر إلى العالم أجمع.

تقول كليو بيرتليزماير، الباحثة في مجال الأنواع الغازية بجامعة لوزان في سويسرا، لَكَم كان مثيرًا أن نرى مدى تمكن الدراسة من مطابقة البيانات الجينية مع الأحداث التاريخية. وتضيف قائلةً: الاستعانة بعلم الجينوم كانت ضرورية لفهم تفشي الصرصور الألماني: ذلك "أنه كان غزوًا قديمًا نوعًا ما بالفعل، وقد استشرى بدرجة صار من المستحيل معها الجزم بأن هذا النوع ليس موطنه الأصلي أوروبيًّا لولا هذه الأدوات".

ويدين الصرصور الألماني بنجاحه في الانتشار إلى قدرته الاستثنائية على التكيف، بتعبير فرانز إسل، أخصائي الإيكولوجيا بجامعة فيينا، الذي يسترسل قائلًا: يتكيف هذا النوع من الصراصير بسهولة مع البيئات شديدة التغير، كالبيئات التي يسكنها الإنسان؛ إضافة إلى أن دورته الإنجابية قصيرة؛ ويتميز بأنه شديد الانتهازية، وكلها سمات "تسهل عليه أيضًا الانتقال التطفلي إلى أماكن جديدة. وهذه هي الوصفة المثالية لنجاح أي نوع في عالَم يرسم ملامحَه الإنسان".

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.189


References:

1-Tang, Q. et al. Proc. Natl Acad. Sci. USA 121, e2401185121 (2024).