أخبار

محاكاة جديدة تمهد للسفر إلى المريخ

نشرت بتاريخ 23 مايو 2024

الإماراتي شريف الرميثي يشارك في تجارب "ناسا" لدراسة التأثيرات النفسية والفسيولوجية للحياة في عزلة شديدة لفترة طويلة بعيدًا عن الأرض

شادي عبد الحافظ

يظهر في الصورة أعضاء طاقم المحاكاة
الأساسي والاحتياطي 

يظهر في الصورة أعضاء طاقم المحاكاة الأساسي والاحتياطي 


NASA's Johnson Space Center and TDRA

Enlarge image

بالرغم من أن دراسة تأثير المهمات الفضائية على رواد الفضاء بدأ قبل عقود، إلا أن تأثير الرحلات طويلة المدة على رواد الفضاء من النواحي الفيسيولوجية والنفسية لا يزال بحاجة إلى مزيد من البحث.

من هنا تأتي أهمية الجولة الجديدة من تجارب محاكاة السفر إلى المريخ داخل منشأة مجهزة في مركز جونسون للفضاء التابع للوكالة في هيوستن، والتي أطلقتها وكالة "ناسا" في 10 مايو الماضي، وتستمر لمدة 45 يومًا، بمشاركة الإماراتي شريف الرميثي.

والرميثي هو مهندس طيار حاصل على ثلاث درجات ماجستير من جامعة "إمبري ريدل للطيران"، اهتمت اثنتان منها بنطاقات السفر للفضاء، وحصل أيضًا على درجة الدكتوراة في الطيران من الجامعة ذاتها، ولديه خبرة في الطيران تزيد عن 16 عامًا حقق خلالها أكثر من تسعة آلاف ساعة طيران.

منشأة من نوع خاص

خلال التجارب، يقضي "الرميثي" ورفاقه وقتهم في مجمع "هيرا"، وهي عبارة عن مبنى فريد، مساحته 650 قدمًا مربعًا،  مقسم إلى وحدتين ودور علوي، وهو مصمم ليكون بمنزلة مكافئ للعزلة والحبس التي يقضيها البشر في مهمات استكشاف الفضاء، وبخاصة المريخ.

مجمع هيرا
مجمع هيرا
NASA Enlarge image

يقول محمد رامي المعري -رئيس الفريق البحثي لعلوم الفضاء والكواكب بجامعة خليفة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تمثل المهمات البشرية للمريخ تحديًا كبيرًا لأي برنامج فضاء، نظرًا للصعوبات التي تواجه رواد الفضاء مقارنةً مثلًا بالصعوبات التي تواجههم عند السفر إلى محطة الفضاء الدولية.

يضيف "المعري": أحد تلك التحديات هو الفترات الزمنية الطويلة التي سيقضيها رواد الفضاء في مهمات كهذه، وإذا وضعنا في الاعتبار أن هناك نافذةً ضيقةً للسفر من المريخ وإليه لا تتكرر إلا كل عامين، فإن ذلك يعني أن الرحلة الواحدة للمريخ، والبقاء هناك، ومن ثم العودة ستستغرق عامين كاملين على الأقل.

ويوضح "المعري" أن طول المدة والعزلة الشديدة في بيئة بعيدة عن الأرض يتطلب التأكد من أن رواد الفضاء سيكونون في أفضل الأوضاع الصحية والنفسية والاجتماعية.

مهمات المحاكاة

يُجري أفراد الطاقم أبحاثًا علمية ومهمات محاكاة طوال مهمتهم تشمل تجارب للسير على المريخ عبر الواقع الافتراضي، وإلى جانب ذلك سيواجه الفريق أيضًا تأخيرات متزايدة في الاتصالات، إذ إن المسافة الكبيرة بين الأرض والمريخ تجعل الفارق في وصول الإشارات اللاسلكية يتراوح بين 4 دقائق و24 دقيقة.

تقول ليزا سبينس -المدير السابق لمشروع المحاكاة  (Flight Analogs Project) التابع لوكالة ناسا- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": يدرس العلماء أيضًا سلوكيات أفراد الطاقم لمعرفة مدى شعور أفراد الطاقم بالتوتر مع طول مدة الرحلة، وهل يؤثر ذلك على قدرتهم على أداء مهماتهم.

تضيف "سبينس": يشارك أفراد الطاقم في استبانات تطرح أسئلة محددة توفر نظرة ثاقبة حول التكيف مع أوضاعهم هناك، إضافةً إلى وجود كاميرات مراقبة داخل "هيرا" تعمل بشكل دائم؛ إذ يقوم بعض الباحثين بتسجيل الفيديو والصوت لفترات زمنية محددة وتحليل تلك المعلومات لفهم التغير في سلوك المشاركين الأربعة، ويتم اختيار أوقات تلك التجارب لتتزامن مع أنواع محددة من الأنشطة التي يشارك فيها أفراد الطاقم.

ويخضع المشاركون الأربعة لتجارب ترتبط بـ18 دراسة تستهدف تقييم الاستجابات الفسيولوجية والسلوكية في بيئة مشابهة لتلك التي ستواجه رواد الفضاء في أي رحلة إلى المريخ، بينها سبع دراسات تتم بالتعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء ووكالة الفضاء الأوروبية.

تعاون مثمر

يقول "المعري": تُعد برامج الفضاء من الأولويات الإستراتيجية للإمارات العربية المتحدة، ففي الموازنة الجديدة مثلًا ستنفق الدولة حوالي 3 مليارات درهم للفضاء، أي ما يوازي أكثر من 4% من الموازنة العامة الفيدرالية للدولة، وهو المعدل نفسه الخاص بالولايات المتحدة في زمن مهمات أبولو.

شريف الرميثي عضو طاقم المحاكاة 
شريف الرميثي عضو طاقم المحاكاة 
NASA's Johnson Space Center and TDRA Enlarge image

ويظهر هذا الاهتمام بشكل خاص في برنامج الإمارات لرواد الفضاء الذي يديره بشكل رئيسي مركز محمد بن راشد للفضاء، ويعمل البرنامج على إعداد طواقم من رواد الفضاء الإماراتيين، استعدادًا لخوض مهمات مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، وغيرها من الوجهات في الفضاء، بما في ذلك المريخ في "المستقبل المتوسط إلى البعيد".

وفي أكتوبر 2018، وقعت "ناسا" ووكالة الفضاء الإماراتية ورقة تحدد التعاون في مختلف المجالات المتعلقة باستكشاف الفضاء ورحلات الفضاء البشرية، إضافةً إلى البحوث الأرضية والبحوث شبه المدارية وأنشطة الطيران في المدار الأرضي المنخفض والاستكشاف البشري والروبوتي في محيط القمر وعلى سطح القمر.

يضيف "المعري": تشارك الإمارات في اتفاقيات برنامج أرتميس للسفر البشري إلى القمر خلال السنوات القادمة، وهي مشارك أساسي في مشروع "جيت واي"، وهو محطة فضائية صغيرة ستكون بمنزلة موقع متعدد الأغراض يدعم المهمات على سطح القمر والعلوم في مدار القمر والاستكشاف البشري في الكون.

ويتابع: الشراكة بين الدول عامل أساسي في عالم الفضاء المعاصر؛ إذ تبلغ استثمارات الفضاء 500 مليار دولار، وستتخطى تريليون دولار بنهاية العقد الحالي.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.160