مقالات

اللقطات الفائزة في مسابقة «باحث أثناء عمله»

نشرت بتاريخ 15 يونيو 2024

نستعرض هنا في إطار مسابقة دورية Nature السنوية للتصوير صورًا مذهلة لباحثين من شتى أنحاء العالم.

جاك ليمينج

التقطت عدسة ريتشارد جونز اختصاصي علم الجليد لحظة استعداد عضو بطاقم سفينة البحوث « بولارشتيرن» لإنقاذ معدة قياس علقت في الجليد.
التقطت عدسة ريتشارد جونز اختصاصي علم الجليد لحظة استعداد عضو بطاقم سفينة البحوث « بولارشتيرن» لإنقاذ معدة قياس علقت في الجليد.
Credit: Richard Jones

هذه الصورة الملتقطة على متن سفينة البحوث ومحطِمة الجليد « بولارشتيرن» Polarstern، تصور مهمة حرجة لإنقاذ مُعدة قياس باسم « سي تي دي » CTD - وهو اختصار للكلمات Conductivity (القدرة على التوصيل)، وTemperature (درجة الحرارة)، وDepth (أي العمق)، وكلها جوانب تقيسها المُعدة، التي علقت آنذاك تحت جليد البحر قبالة ساحل شمال شرق صفيحة جرينلاند الجليدية.

ومُعدات القياس من هذا النوع، تُثبَّت في قاع المحيطات، لقياس خواصها مثل درجة ملوحتها، ودرجة حرارتها، وهي خواص تتغير باختلاف عمق المحيط. وعند نقطة ما حاصر جليد البحر قمة المُعدة سالفة الذكر، ما أرغم سفينة البحوث « بولارشتيرن » على  الدوران بحذر بمحاذاة المُعدة، لتحطيم هذا الجليد وإنقاذها من التجمد.

 مسترجعًا أحداث تلك اللحظة، يقول ريتشارد جونز الذي اقتنص هذه اللقطة في سبتمبر من عام 2017: "كنا نصطدم بالجليد ونخترقه. لذا، لم نبحر إبحارًا هادئًا لغالبية الرحلة". وقد ربح بفضل هذه اللقطة جائزة مسابقة دورية Nature للتصوير لعام 2024، والتي انطلقت تحت عنوان «باحث أثناء عمله». وتهدف أبحاث جونز لتحسين دقة تقديرات معدل ذوبان الجليد في الصفائح الجليدية على مستوى العالم.

وقد أبرز جونز، وهو متخصص في علم الجليد من جامعة موناش في ملبورن بأستراليا التباين الصوري اللوني بين محطمة الجليد والثلج، وهو تباين لوني اعتاده خلال الخمسة أسابيع التي قضاها على متن محطمة الجليد. وهو ما يوضحه بقوله: "كل ما أمكنك رؤيته هناك حقيقة هو الأزرق والأبيض. وقد يكون هذا باعثًا على الملل أحيانًا، بيد أن ألوان المُعدة واللون البرتقالي لرافعتها يُضفيان تباينًا لونيًا على المشهد، ويكملانه على نحو رائع".

ونشير هنا إلى أننا تلقينا في مسابقة هذا العام أكثر من مائتي لقطة من حول العالم لباحثين أثناء تأدية عملهم. والفائز بالمركز الأول والفائزون بالمراكز الأربعة التالية (وهم موضحون في الصفحات التالية من هذا المقال) اختارتهم لجنة من طاقم دورية Nature، ضمت ثلاثة من محرري صور الدورية. ومن المزمع منح كل منهم جائزة بقيمة 500 يورو (620 دولارًا أمريكيًا) في هيئة قسائم من شركة أمازون أو تبرعات خيرية، فضلًا عن اشتراك لمدة عام في الدورية.

وإليكم سائر اللقطات الفائزة من المسابقة:

مكتبة أوراق الأشجار

Credit: Luiz L. Saldanha/Kimberly P. Castro

التقطت طالبة مرحلة الدكتوراة كيم كاسترو هذه الصورة لزميلها، باحث مرحلة ما بعد الدكتوراة، لويز ليوناردو سالدانها في معشبة يعمل كلاهما بها بصفة منتظمة، وتتشارك في ملكيتها جامعة زيورخ والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا (ETH) في مدينة زيورخ السويسرية. وبقسم علم النبات المنهجي والتطوري التابع لجامعة زيورخ، يدرس كلا الباحثين النبتات الدوائية التي تنمو في منطقة الأمازون، إلا أنهما يتبنيان نهجًا مختلفًا عن بعضهما في تلك الدراسة؛ فيدرس سالدانها التنوع الكيميائي لهذه النبتات، في حين تدرس كاسترو نظرة المجتمعات الأصلية في منطقة الأمازون إلى هذه الأنواع النباتية، كما تتخصص في دراسة روائحها. ويوضح لنا سالدانها عمله قائلًا إن المعشبة "تشبة المكتبة، لكنها تحتوي على نيتات بدلًا من الكتب". وقد تموضع لالتقاط صورته مع هذه العينة (نبتة Palicourea corymbifera، جمعت عام 1977) لأنها تأتي من بلده الأم، البرازيل، لكنَّ شعوب ديسانو الأصلية في كولومبيا تستخدمها كعشب دوائي. من هنا، يقول سالدانها عن النبتة: "إنها تخلق أرضًا مشتركة بين دول أمريكا الجنوبية".

لقطة طائر الكيويكيو

Credit: Ryan Wagner

في يناير من العام الجاري، التقط عالم البيولوجيا المتخصص في العمل البيئي رايان فاجنر هذه الصورة لسونيا فالوتشيا عالمة البيولوجيا الميدانية أثناء إطعامها طائر كيوكيو (Pseudonestor xanthophrys) وقع حديثًا في الأسر، وذلك على جبل هاليكالا البركاني بجزيرة ماوي، إحدى جزر هاواي.

آنذاك، كان فاجنر - وهو طالب في مرحلة الدكتوراة من جامعة ولاية واشنطن بفانكوفر - يشارك في بعثة على الجزيرة كمحاوِر علمي، أملًا في التوعية بالوضع الحرج الذي تواجهه طيور الكيوكيو المهددة بالانقراض. وهو ما يعلل له فاجنر قائلًا: لم يتبق من هذه الطيور إلا 130 فردًا. وقد هبطت أعدادها هبوطًا حادًا بسبب مرض ملاريا الطيور، الذي يتسبب في انتشاره بعوض دخيل. ومع احترار الجزيرة نتيجة للتغير المناخي، امتد انتشار هذا البعوض إلى أعالي الجزيرة وإلى المرتفعات التي تلجأ إليها طيور الجزيرة الأصلية للنجاة. ولسعة بعوض واحدة قد تقتل طائر الكيويكيو". من هنا، يأمل فاجنر أن يساعد علماء الطيور مثل فالوتشيا (التي تبذل مساعيها في إطار مشروع إنقاذ طيور غابة جزيرة ماوي الكائن مقره في مدينة ماكاواو) في إنقاذ طيور الكيوكيو بجلب بعضها (بطائرات الهليكوبتر) إلى مركز حماية طيور جزيرة ماوي، الذي يقع بدوره في مدينة ماكاواو. وهناك، على حد قول فاجنر، يُتوقع علاج هذه الطيور لوقايتها من الملاريا، وضمها إلى برنامج لتتكاثر في الأسر.

محطة هبوط جبلية

Credit: Herton Escobar/University of São Paulo Images

في هذه الصورة المفعمة بالحركة والإثارة، والتي التقطت أسفل شفرات مروحية عسكرية يصًم دورانها الآذان، يُهيئ فريق من العلماء مأوى لهم ولمعداتهم بعد أن حطت بهم المروحية على قمة جبل ناء شمال غابة الأمازون. ويشارك الفريق هنا في بعثة بحثية لحماية التنوع البيولوجي، قصدت في نوفمبر من عام 2022 سلسلة جبال سيرا إيمري، وهي سلسلة جبلية تشق مرتفعاتها الغطاء النباتي الغابي المتاخم للحدود المشتركة بين البرازيل وفنزويلا. وتعقيبًا على هذه الصورة، يقول ملتقطها هيرتون إسكوبار، وهو صحفي علمي تعاون مع علماء جامعة ساو باولو البرازيلية الذين تظهرهم الصورة: "شارك إجمالًا 14 عالمًا وعشرات من أفراد فرق الدعم العسكري في هذه البعثة التي دامت 11 يومًا، وأسفرت عن اكتشاف عدة أنواع جديدة من البرمائيات والزواحف والطيور والنباتات".

فتش عن الجليد الطافي!

Credit: Emiliano Cimoli

إيميليانو سيمولي، العالم المتخصص في أنظمة الاستشعار عن بعد من معهد الدراسات البحرية والقطبية الجنوبية بجامعة تسمانيا في أستراليا، التقط ثاني الصور التي تعرض سفينة البحوث «بولارشتيرن» ضمن مجموعة الصور الفائزة في مسابقة هذا العام. وفي هذه الصورة الثانية، تقيس كارولين ميلمان وتوماس ريشتر، عالمي الرياضيات من جامعة ماجديبورج الألمانية عمق الثلج على امتداد كتلة جليدية طافية عملاقة في منتصف المجيط المتجمد الشمالي. وقد أُخذت اللقطة في شهر أغسطس من عام 2023 خلال رحلة دامت شهرين نظمها معهد ألفريد فيجنر الكائن في مدينة بريمرهايفن الألمانية. وهدفت البعثة إلى دراسة التفاعلات بين فيزياء الجليد والسياق البيولوجي والهيدروغرافيا والكيمياء الحيوية الجغرافية والتنوع البيولوجي في منظومة القطب الشمالي الإيكولوجية، بدءًا من جليد البحر هناك إلى قاعه.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.186